عشر رسائل من ساحات الاعتصام

عادل الهلالي : عشر رسائل من ساحات الاعتصام 


*إلى الغائب الحاضر …

الرسالة الأولى

جفت أفراحنا .. و أفراح أطفالنا .. تخلينا عن أحلامنا .. وتخلى أولادنا عن دفاترهم المدرسية لأبطال المظاهرات .. بعنا كل شيء على قارعة الصبر و مستعدون أن نبيع كل شيء من اجل حفنة حرية

.. نبيع كل شيء من أجل أن تكون معنا و نتعافى و يتعافى العراق …

الرسالة الثانية

الورود تتعرى في الصباح كي تغتسل مع قطرات الندى .. و هناك في الجانب الآخر مظاهرات و أرواح تعتصر و عيون تبكي في حالة انتظار .. و في الجانب الآخر البعيد غرف رمادية و سيف جلاد يذبح من الوريد إلى الوريد

الرسالة الثالثة  

في ساحة الاعتصامات كان يصرخ بصوت عالي في جهاز الموبايل مخاطبا زوجته .. الووو .. الووو .. (خاف استشهد ديري بالج على الاطفال ) .. و فجأة انقطع الخط .. فكانت تعلم أن رصيده الأشباح .. وان الأرض العطشانة لا تزال محتاجة إلى الدماء.

الرسالة الرابعة

أتعلم يا صديقي أن الثوار .. أصبحوا غابات تتلذذ باحتراقها ..و بذور تسقط على الأرض لأنها شمت رائحة المطر القادم كي تنبت من جديد .

الرسالة الخامسة  

لم تعد لي أنغام تطربني .. ولم تعد لي ألوان أجلي بها عيوني .. و لم تعد لي أحلام أتمنى تحقيقها … كل شيء أصبح أو بات هباء .. حتى في الأحلام أصبحت لا ابحث عن مال أو قلائد أو فصوص عقيق أو سهرات اشرب فيها و ارقص حتى الصباح .. حلمي الوحيد الآن هو أغمض عيني احلم بوطن فيه حرية و سلام .

الرسالة السادسة

أتعلم يا صديقي .. اليوم ..المليشيات باعت آخر ما تبقى لها من الرحمة و الإنسانية , عندما قلعت عيون الثائر السلمي و رمته بلا عيون على قارعة الطريق .

الرسالة السابعة

كنت ارسم على خدر ذاكرة أمي الطرية .. رسمت شمسا متوهجة و سماء صافية .. رسمت حصانا ابيضا شامخا صاهلا .. رسمت نهرا متدفقا لا ينضب .. رسمت قلبا خفاقا دافئا .. رسمت كل شيء من ذاكرة أمي و حكاياتها الجميلة … فجاء ثلة من اللصوص .. أطفئوا وهج الشمس .. و لوثوا صفاء السماء .. قتلوا الحصان الأبيض الشامخ و اخرسوا صهيله .. و جففوا النهر الجميل .. و قتلوا كل شيء … و لكن القلب لا يزال خفاقا دافئا .. اطمئن يا صديقي لا يزال القلب خفاقا بالحب .. سينتصر الحب و لو بعد حين .

الرسالة الثامنة

سنبلغ الذروة يا صديقي .. الشوارع الطويلة الصاعدة إلى الله طفحت بدماء الثوار .. و لأول مرة في حياتي اطلب حضور أمي الغائبة … احضري يا أمي حالا لقد نضب دمي .

الرسالة التاسعة

أحب أن أعلمك يا صديقي أن الطفل الذي استشهد و هو يحمل علم العراق .. كانت أحلامه مثل أحلام الحشاشين ..واقفا على الرصيف و عيناه على ألوان العلم بابتسامة جميلة .. فينكسر الرصيف برصاصة غاشمة .. تسقط الدماء ثم تنحسر عن قدميه …بعدها تنحسر قدماه .. و يبقى الطفل واقفا بلا قدمين مبتسما للعلم ..

الرسالة العاشرة

لم نعد نبكي في الظلام .. ها نحن نصرخ مع ضياء الغبش الجنوبي .. لم نعد نكتب في الظلام .. ها نحن في ساحات الاعتصام نكتب و نرسم أجمل اللوحات و لكن يا صديقي احتاج بعض الخمرة اليوم كي ابني أبراجا من الهذيان.

*أديب وفنان عراقي

تم عمل هذا الموقع بواسطة