د.زينب لوت : العلاج المسرحي أو المسرح العيادي
*من مورينو 1922إلى المخرج اللبناني (عجرم عجرم)2006:
تتعدد المصطلحات التي تمارس سطوتها في تمويه الفكر فيصبح تغير السطح ونفي العمق
الذي يؤثث اصطلاحا ولغة وعملا وممارسة بمعاييره العلمية والتقنية وعناصره وهو العلاج المسرحي، أو كما يُدعى في حقيقتة العلمية والمعرفية “السيكودراما أو الدراما النفسية Psychodramaشكل من أشكال العلاج الذي يستخدم التمثيل لمعاونة (المريض) في حل مشكلاته، وعن طريق العون الذي يقدمه الموجه( المعالج) ومعالجون آخرون مدربون، يجسد act outالمريض المواقف والعلاقات التي تشكل بالنسبة له أسبابا لاضطراب سلوكه وأحيانا ما يشترك – في أسلوب العلاج بفنية السيكودراما- أناس حقيقيون للمساهمة في حل مشكلات المريض ومن ثم قد يتطلب هذا الحل ضرورة وجودهم”[i] مجموعة من الأشكال التي تمارس واقع العلاج المسرحي من خلال مساهمة المريض أو ما يحاكي الأعراض بمواجهة السلوكات والمواقف التي تهيمنُ على المريض النفسي أو ما يسهم في تغير سيكولوجيا الأفكار بطريقة درامية تؤسس نطاق وجودها في الخطاب المسرحي وقد بدأ هذا العلاج المباشر والذي يحدث التغير المتفاعل بين المعالج والعينة “فيري أن أيا كان الأمر فقد بدأت السيكودراما كأسلوب علاجي، وتم ذلك فيالمسرح الذي أنشأه مورينو في فينا، وإذا كان مورينو هو الذي وضع الأسس المنهجيةللسيكودراما كأسلوب تشخيص علاجي، فإن الظاهرة نفسها ظاهرة العلاج بالفن بصفة عامة والتمثيل بصفةخاصة ظاهرة قديمة تضرب بجذورها في أعماق التراث الإنساني علي اختلاف حضارته بما فيها. الحضارة المصرية القديمة والحضارة العربية الإسلامية”[ii] ويعد المؤسس الأول للعلاج المسرحي “جاكوبليفىمورينو/Jacob LevyMereno ،(حيث بدأ باسـتخدام هذا الأسلوب في فينا عام (1921)وأسس أول مسرح للعلاج النفسي عام (1927)فـي مدينـة نيـورك ولايات المتحدة الأمريكية”[iii] “قد استخدم هذا الشكل من أشكال المسرح في سنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوات ما بعد عام 1922م، بهدف محاربة ومقاومة الشعارات التي كان ينادي بها هتلر والتي أطلق عليها وقتئذ” الهتلرية الكامنة” « The PotentialHitlers » “[iv]وقد كان للحرب العالمية الثانية أثرها البالغ في ترسب السلوكات المرضية كالانطواء والخوف والاكتئاب وغيرها من الوضعيات التي يتم تشخيصها “كما تعمل على تغير أو إبدال رؤية للعالم غير المؤثرة إلى رؤية أكثر تأثير، كما انها العملية التي يتعلم بها طبيعة الواقع الإنساني، من خلال تدعيم العلاقة بين مستويات شخصية ووظائفها المتنوعة”[v]وخلال الحرب العالمية الثانية أنشئت مراكز لعلاج العصاب النفسي فـي بريطانيـا، وكـان مـننشاطها تمثيل قصص درامية أو أحداث معينة بواسطة جماعات من المرضى،كما وضع “مورينو” مصطلح ‘السوسيودراما’ أو الدراما الاجتماعية كتقنية تصف ” وقد وضعهما في سياقين مختلفين:
الأول: كان في إتجاه تشخيص المشكلات الاجتماعية وعلاجها على المستوى الفردي
الثاني: كان اتجاه الأدوار الاجتماعية التي تقدم كصورة مجمعة The collective Image » للقالب الاجتماعي a social stereotypeأو للنمط الاجتماعي الذي يشترك فيه أفراد جماعة ما “[vi]
” إن المسرح الذي نقصده ليس المسرح بمعناه المألوف لكنه من -وجهة نظرنا-جزء من العالم الحقيقي”
أما المخرج اللبناني (عجرم عجرم) في كتابه ( العلاج بالمسرح)في هذا الكتاب، الذي هو بالأصل أطروحة تخرج،” أن يرصد لتجارب من هذا النوع في المجتمع اللبناني خاصة بعد عام 2006. وهو يرصد لعدة تجارب أربع منها على الأقل، عن معرفة، لأنه هو أيضاً خاض في هذا المجال.”إنه يقول في مقدمته إن المسرح العلاجي والمسرح الاجتماعي تطورا في لبنان منذ ما يزيد عن عشرة أعوام إبان حرب تموز 2006، وهذا يعني أن المجال جديد، وهو مجال لا يدرس إلا ضمن دورات خاصة، ويعتمد بالأساس على المهارات التي اكتسبها المسرحي في هذا المجال بناء على تجاربه الخاصة.”[vii]وتعد تجربته خلاصة من المهارات التي قام بممارستها شخصيا وإبراز فعالياتها من خلال مجموعة من النتائج وبتجميع خبرات “تعتبر السيكودراما تقنية حضارية حديثة لتعديل السلوك الإنساني ، ولزيادة قدرة الأفراد علىالتعبير عن مشاعرهم السلبية كالخوف والألم والتوتر وكذلك عن مشاعرهم الإيجابية كالفرحوالحب والمرح .”[viii] وهي تسعى بتعديل السلوك وتتخذكفاءةالمخرجموقعافيتسييرالميكانزمات السلوكية،كماينتظرهالمعالج من مرضاهفتنعكسعلىيقظتهببراعةالتأليفوعنايةالتمثيلبتمثيلالأفكارالجديدةللمصابين بأضرار الحروب والظروف النفسية والاجتماعية،والنظرةالمُفَارِقَةِنحوالحياة،والانفلاتفيترجمةالأفكارالّتيتستطردهاالنفس،وتتنافىبداخلها،فالمعالجالمتمكِّنيجيد توظيفالخيالالإبداعيمايَلْفِتانتباهالمتضررين ويعيد دمجهم سلوكيا ونفسيا وفكريا بتغييرتوقُّعاتهموتحويلجذريٍّلكلِّمايستكينفيحسِّهموكأنّهيكتشفونأنفسهممنجديدويطلعونعلىخفاياهمالّتيتلازمهمدونفهمغايتها،لكنهيجدونهاكامنةبمفاهيمأكثروعياًوإدراكاً.
تتمثل “عناصر السيكودراما كما حددها مورينو :
تتكون السيكودراما من العناصر التالية:
: 1. الشخصية المحورية (البطل) أو المريضPatient Subject:
وهو الذي يقوم بالدور الرئيسي على خشبه المسرح، والمطلوب منه هو أن يكون هو نفسه وان يصورلان الممثل مجبر على التخلي عن شخصيته ،actorعالمه الخاص ،وليس المطلوب أن يكون ممثلاالحقيقية لكي يتقمص الدور الذي حدده له مؤلف المسرحية.وللمريض (البطل) مطلق الحرية في أن يعبر عن نفسه كما يريد وله أن يقول أو يفعل كل ما يخطر ببالهدون قيود، وهذا هو معنى التلقائية. ويشمل هذا التعبير الحر عن النفس بالوسائل اللفظية وغير اللفظيةعلى حد سواء، وهو ما يعرف بالتنفيس عن طريق التمثيل
-المخرج (المعالج)DirectorTherapist
ويستعمل اصطلاح المخرج هنا للاثاره أي ( المعالج النفسي) والذي يقوم بالوظائف التالية :مسئول عن إعداد المسرح للحدث الدرامي، والإشراف على التجهيز الموسيقى، و الإضاءة والديكور. مسئول عن تحويل قصة المريض (البطل) التي يحكيها للمجموعة إلى حدث درامي تفصيلي بمايتضمنه من بعض الحوارات وكذلك سيناريو الأحداث ، والمسئول عن تحويل البناء الدرامي للمشكلةوتحويلها إلى قصة تمثيلية.
فريق المعالجين المساعدين ( الأنوات المساعدة)Auxiliary Egos
(الأنا المساعدة) ويطلق هذا المصطلح على الشخص الذي يشارك في العلاج السيكودرامي بهدفمساعدة البطل (المريض) في الاستبصار بمشاكله. والأنا المساعدة شخصية هامة تلعب دوراً في حياةالبطل، لذا تتنوع وتتعدد أنواعها ما بين شخصية
الجمهورAudience:وهو مجموعة الحاضرين أو المشاهدين، وهو يعمل الجوقة (الكورس) في المسرح الكلاسيكي،فهو يمثل الرأي العام بالنسبة للمريض، حيث إن استجاباته أو تعليقاته (والتي تتراوح بين الضحك أوالمزاح اللطيف والاجتياح العنيف) تعكس مدى قبول المجتمع أو رفضه لما يصدر عن البطل (المريض)من قول أو فعل، وكلما كان شعور المريض بالوحدة طاغياً اشتدت حاجته داخل الجلسة إلى جمهور يفهمهويتقبله. ومن ناحية أخرى فإن البطل (المريض) يصور أو يعكس ما يدور في نفوس الجمهور
-خشبة المسرحStage
وهذا المكان هو الذي يؤدى فوقه العلاج السيكودرامي، ولا توجد أي شروط معينة لهذا المسرح، ولايوجد بشكله التقليدي إلا في أماكن التدريب، وإن كان البعض يفضله أن يكون دائرياً، وأن يسمح بالحركة من يعلو قليلاً عن سطح الأرض، ويمكن أن يتم التغافلعن كل الشروط وصولاً إلى مكان ما يتم فيه ذلكويرى “مورينو” أن خشبة المسرح ليست ضرورية فمن الممكن أن تجرى الجلسات السيكودرامية في
أي مكان به المسترشدين (مستشفى، مدرسة، منزل، …إلخ)”[ix].تتعدد الوضعيات التي يتم فيها العلاج بمعنى آخر يرى الباحث أن السيكودراما أسلوب إرشادي وعلاجي يصلح لجميع المشكلات ويمكن اعتبارذلك إلى الأصول النظرية المتكاملة للسيكودراما والتي تهتم بالعلاج بالمسرح وما يكمن من مصطلحات جديدة هي نفسها تقتني نفس العناصر بعناوين أخرى يقتضي الحال بالعودة للأصول الحقيقة للعلاج العيادي المتمثل في المسرح السيكودرامي.المــــــــــــــــــــــــــــــــــراجع:
[i]– عبد الرحمن سيد سليمان، كلية التربية عين شمس وقطر، حولية كلية التربية جامعة قطر، العدد 11، 1410هـ/1994م، ص.396
[ii]– غريب ، محمد ( 1999 ) : مدى فاعلية برنامج سيكودرامي للتخفيف من القلقالنفسي عند النفسي عند أطفال المؤسسة الإيوائية ، رسالةماجستير غير منشورة ، معهد الدراسات العليا للطفولة ،جامعة عين شمس ، القاهرة، ص.
[iii]-السفاسفة، محمد ( 2003 ) : أساسيات في الإرشاد والتوجيه النفسي والتربوي،ط 1، مكتبة الفلاح للنشر والتوزيع، الكويت، ص.189
[iv]-عبد الرحمن سيد سليمان، كلية التربية عين شمس وقطر، حولية كلية التربية جامعة قطر، العدد 11، ص.400
[v]-كمال الدين حسن ، الدراما و المسرح في العلاج النفسي، دار المعارف مصر، 20ص.06
[vi]–Moreno ;j.L(1966) ;The International Handbook of group psycho-therapy ;New York ;Grune §Stratton .P.47
[vii]–https://www.goodreads.com/book/show
[viii]-رسالةماجستيرمقدمةمنالطالبأمجدعزاتعبدالمجيدجمعة،مدىفعاليةبرنامجإرشاديمقترحفيالسيكودراماللتخفيفمنحدةبعضالمشكلاتالسلوكية،2005ص.24
[ix]– رسالة ماجستير مقدمة من الطالبأمجد عزات عبد المجيد جمعة، مدى فعالية برنامج إرشادي مقترح في السيكودراما للتخفيف منحدة بعضالمشكلات السلوكية ،2005ص. 30-32
*أكاديمية من الجزائر