الكتابة عن مشاعر الأشياء

“ضحك السحاب”.. الكتابة عن مشاعر الأشياء 


*عمان

تحرص الكاتبة منى حمزة في ظل الموج العاتي من التقنيات ومظاهر الحضارة المادية، أن تؤنسن الأشياء بمنحها حواس السمع والبصر وعواطف الحب والود.

ففي الكتاب الصادر عن “الآن ناشرون وموزعون”، ترصد الكاتبة”مشاعر الأشياء” التي تحيط بها وتشتبك معها في يومياتها.

ويتجلى ذلك أولاً في العنوان “ضحك السحاب” الذي اختارته حمزة لكتابها بدلالاته السيميائية والنفسية والفيزيائية، فهي لا تتعاطى مع الشجرة مثلاً بوصفها سليلة مملكة النبات، وإنما تتعامل معها كجارة وصديقة (أنثى) تبثها همومها وأحلامها وتحكي لها قصصها، 
وربما تعاتبها.

وهكذا يأتي العنوان من تداعيات السحاب وصفاته، فالسحاب فألُ خير بما يحمل من مطر، وهو يمرّ سريعاً بخفة ودون ثقالة، فيقال “مَرّ السحاب”. وهو يتعالى أيضاً، فيقول الشخص حينما يُسأل عن حاله: “فوق السحاب”، ولكن العنوان الذي اختارته الكاتبة يرمز إلى الترفع عن صغائر الأمور والضغائن، والارتقاء إلى مرتبة الرؤية الواسعة، حينئذٍ لا تجد المؤلفة سوى الضحك وهي تشاهد التفاصيل يطويها النهار مع مغيب شمسه.

هذه هي العتبة التي يلج منها القارئ إلى النص الذي يتنوع بين التأمل والتصوير الوصفي للأشياء، ولكن الأمر لا يتوقف عند الوصف المجرد، فالكاتبة تغمر الموصوف بالمحبة التي تراها بعين مختلفة، فهي تنظر للشجرة على أنها فتاة عاشقة تتسلل للقاء شجرة أخرى، وفي الأثناء تصغي الكاتبة إلى الحوار بلغة الأشجار وتنقله بتعابير خضراء خصبة وطازجة ورقيقة

تقول الروائية سميحة خريس عن الكاتبة ونصوصها: “منى امرأة تحب الحياة، لكنها أيضاً طفلة تحبها الحياة، عقل يقبل على المعرفة بشغف وروح تلتقط الجمال في أدق التفاصيل، حالة تصنع حولها حراكاً ثقافياً له هوية شديدة الأناقة، ثم يفيض من أفكار ومشاعر تشكلت في ذهنها إزاء الكون الذي يحيط بها“.

وتضيف خريس: “استطاعت منى حمزة عبر بوح رقيق تأمُّلَ مسار الأشياء، وأخذت الخواطر من مجرد كلمات تؤثّث فيها شبابيك المواقع الإلكترونية إلى كتاب يمثل تجربة محبة” .

يشتمل الكتاب على خمسة أحوال للغيمة، وهي: “شرفات على الحياة”، و”سفر، و”خزائن الذكريات”، و”وطن”، و”الإيكيبانا”. ولكل من هذه الأحوال حكاياته عن صور الحياة في الترحال والتأمل والذكريات والطقوس، حيث تسجل الكاتبة مزيجاً من المشاهدات والمشاعر التي يحسّ بها الإنسان، وتنقل القارئ إلى منطقة لم يكن ليلتفت لها لولاها، وتكتب بفرح غامر عن أشياء تكمن في جوانياتنا.

وفي تقديمه للكتاب، يقول الإعلامي د.معن القطامين: إن الكاتبة تنقل مشاعر لا يمكن للقارئ أن يفهمها إلّا إذا مر بالتجربة، وإن “ضحك السحاب” نتاج لحياة امرأة مثقفة كرست حياتها لنشر المعرفة والثقافة، كما كرست وقتاً مهماً لتعيش وتنتزع من ثنايا أبسط الأشياء قصة وحكمة.


تم عمل هذا الموقع بواسطة