رسالة الشارقة (1)

أسمهان الفالح : أربعة أدباء يناقشون أثر الجوائز على الحراك الثقافي العربي


شهدت فعاليات اليوم الأول من معرض الشارقة الدولي للكتاب، الذي انطلق أول أمس (الأربعاء) بتنظيم من هيئة الشارقة للكتاب، في مركز إكسبو الشارقة، والذي يستمر لغاية 9 نوفمبر الجاري، تحت شعار “افتح كتاباً تفتح أذهاناً، جلسة حوارية بعنوان “صيادو الجوائز”. وجمعت الجلسة التي قدمتها الكاتبة الإماراتية صالحة عبيد، كل من الكاتبة والناقدة اللبنانية يمنى العيد، والكاتب والباحث في الأنثربولوجيا السياسيّة المغربي محمد المعزوز، والروائية والأكاديمية السورية شهلا العجيلي، والروائية العراقية ميسلون هادي. وتطرق ضيوف الجلسة إلى مفهوم صيادي الجوائز، ودور الجائزة في تحفيز الكاتب أو تثبيطه، إلى جانب سلبيات الجوائز، وإيجابياتها، ومدى قدرة لجان التحكيم وخبرتها في اختيار الأفضل من الأعمال الأدبيّة المقدمة، ضمن معايير تعتمد التخصص والشفافية. وحول هذه التساؤلات أوضح المعزوز أن الاعتراف بالكاتب من خلال جائزة، هو بمثابة إخراجه من منطقة الغربة إلى منطقة الألفة، مشيراً إلى أن العديد من كبار الفلاسفة والمفكرين شاركت أعمالهم في الجوائز، ومنهم من تحصل عليها ومنهم من لم يظفر بها. وعلى الرغم من ذلك، لفت المعزوز إلى أن بعض اللجان التي تقوم بنقد واختيار النصوص الأدبية، تفتقر إلى التخصصية، بالإضافة إلى تفشي ما وصفه بالبعد الانتسابي، والعلاقات الزبونية التي تغولت في تقدير الأعمال الأدبية، فأضعفت العمل وظلمت الكاتب. ودعا الروائي المغربي إلى الارتقاء بالجوائز الأدبية بلفظ ما وصفه بالانتسابية، والزبونية، وإتاحة الفرصة للصوت الآخر الذي يمثله الكتّاب المبتدئين الموهوبين، وتعزيز إنصاف الأثر الفكري، عبر لجان متخصصة، وتحويل الجائزة إلى طقس إبداعي من خلال نقد محايد لها، باعتماد الشفافية وقول الحقيقة. بدورها أكدت الروائية يمنى العيد، أن الجوائز تؤثر بصورة أو أخرى على الحراك الثقافي، غير أن هناك من يحصدها دون أن يستحقها، متسائلة حول ما إذا كان الكتاب هو السبب، أم الجائزة بحد ذاتها، أم لجان التحكيم. وبينت أن هذه التساؤلات تطرح ذاتها في ضوء ظهور ما بات يعرف بصيادي الجوائز، مشددة على ضرورة أن يقوم الأديب والمفكر الحقيقي بدوره، الذي يشمل إلى جانب الكتابة، قيمتا الأخلاق والسلوك، وأن يمارس كتابته دون التفكير بجائزة أو غيرها، معرفة الجائزة الحقيقية بالأثر الذي تتركه الرواية في نفوس القرّاء. وأوضحت العيد أنها من خلال احتكاكها بالعمل التحكيمي بشكل مباشر، عبر اختيارها في أكثر من لجنة تحكيم لجوائز أدبية، اكتشفت أن بعض اللّجان تلعب دوراً في توجيه الجائزة نحو عمل ما، مؤكدة في الوقت ذاته أن مفهوم الجائزة والهدف من منحها هو من المظاهر الراقية لا سيما أنها تسهم في خدمة الثقافة والأدب. من جانبها قالت الأديبة شهلا العجيلي: “إن إشكالية بعض الجوائز، تكمن في انطوائها على براغماتية، حيث تحتاج الجوائز إلى كتّاب جادّين، ومخلصين، ذوي مصداقيّة، في كتاباتهم، مفترضة حسن النيّة في مختلف الجوائز”. وأكدت أن ترشيح بعض الأعمال لجائزة ما يعرض الكاتب لمغامرة نقدية كبيرة، وبالتالي فإنه أمام تحديات تتجاوز قيمة الجائزة المادية والأدبية، لا سيما إذا تعرضت أعماله للترجمة، باعتبارها ناقلاً لثقافة مجتمعه وتاريخه، نظراً لأن المؤلف العربي عادة ما يستمد نصوصه من واقع أو تاريخ بلده. وأردفت العجيلي: “الكاتب الحقيقي هو من يتوحد مع نصوص روايته، وشخصياتها، دون أن يفكر بالجوائز، لأن انحراف تفكيره عن الإبداع الأدبي يشوه الرواية”، لافتة إلى أهمية وجود المصداقية والأخلاقيات في اختيار الأعمال الفائزة، وعدم الاكتراث في حال غيابها أحياناً ومواصلة الالتزام بشغف الكتابة، وتقديم ما يستحق القراءة. وتبنت الروائية ميسلون هادي رأياً مخالفاً لزملائها، فيما يتعلق بلجان التحكيم التي ترى أن أعضائها عادة ما يكونون خبراء ومتخصصين في مجال نقد الرواية وتقييمها، لافتة إلى أن هامش الخطأ في تقييم النصوص الأدبية قد لا يتجاوز 5 في المئة. وحول تكرار ترشيح أسماء بعض الكتّاب لنفس الجائزة، أوضحت أنه من الإنصاف الأدبي تكرارها، في الحالات التي يواصل الكاتب تقديم أعمال متميزة، لافتة إلى أن جميع الأعمال التي فازت بجائزة البوكر خلال السنوات الماضية، كانت أعمالاً متميزة، ولاقت صدىً أدبياً واسعاً. واختتمت هادي بقولها: “إن الجوائز التي تقدم للأديب والمفكر، أسهمت في تعزيز الحراك الثقافي، وأعادت إلى حد ما المجتمع العربي إلى اقتناء الكتب، لا سيما تلك التي فازت بجائزة ما، بعد العزوف عن القراءة الذي أحاط بمجتمعاتنا".

حاكم الشارقة يشهد ندوة الكاتب أورهانباموق ويدشن النسخة الماليالامية من كتاب اسطورة القرصنة العربية في الخليج شهد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، يوم الأربعاء 31 نوفمبر 2019 في مركز اكسبو الشارقة، ندوة للكاتب والروائي أورهانباموق التي قدمها وأدارها سعادة عمر سيف غباش مساعد وزير الخارجية والتعاون الدولي للشؤون الثقافية، ضمن فعاليات الدورة 38 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، التي تقام تحت شعار “افتح كتاباً.. تفتح أذهاناً” بالتزامن مع اختيار الشارقة عاصمة عالمية للكتاب. ويعد أورهانباموق من أهم روائيي الأدب التركي وحاصل على جائزة نوبل في الأدب عام 2006، وقدم خلال مسيرته العديد من الإصدارات الأدبية، من أهمها “اسمي أحمر، متحف البراءة، واسطنبول، وغرابة في عقلي”، وترجمة رواياته إلى 63 لغة. واستهل أورهانباموق حديثة حول بداياته الأدبية كونه ينتمي إلى أسرة تركية مثقفة أغلب أفرادها درسوا الهندسة، فدرس في مستهل حياته الجامعية الهندسة ولكنه قرر أن يصبح فناناً قبل أن يتجه إلى الكتابة والأدب، موضحاً أن في بداية مسيرته الأدبية كان من الصعوبة أن ينشر رواياته وكانت الإصدارات الروائية محدودة في تركيا. وحول قلة الروايات أرجع باموق الأسباب إلى كون الثقافة التركية وخاصة في مرحلة الدولة العثمانية، اهتمت بالشعر والشعراء، وكان للشعراء الحضوة والمكانة الاجتماعية المرموقة بين أفراد المجتمع، ولم تحظى الرواية آنذاك باهتمام من قبل المثقفين أو الناس، مبيناً أن للعولمة والحداثة تأثير في حياتنا اليوم حيث أصبحت الرواية في متناول الجميع، وأصبح الكثير من الناس يكتبون ويقرؤون الروايات، وأحياناً يهرب الناس من واقعهم إلى قراءة الروايات والأدب لما يجدونه من متنفس. وأشار باموق إلى أن كتابة الرواية هي فن عالمي وعمل وطني، ينقل فيه الكاتب تجاربه وأفكاره للعالم الآخر، معتبراً أن كل كاتب أو روائي يملك أسلوب خاص يميزه ونزعة فردانية خاصة به، تُأثر فيها العديد من العوامل المجتمعية التي تترك بصماتها في أسلوب وكاتب الراوية. ولفت أن كتابة الرواية وخاصة التاريخية ليست عملية سهلة بل تتطلب إجراء البحوث والعديد من المقابلات وجمع أكبر عدد من المعلومات، حتى تستطيع إيصال رسالتك والمعنى المنشود للقارئ. حضر الندوة إلى جانب سموه الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي رئيس مجلس الشارقة للإعلام، والشيخة بدور بنت سلطان القاسمي نائب رئيس الاتحاد الدولي للناشرين المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة كلمات، وهوغو سيتزر رئيس الاتحاد الدولي للناشرين، واللواء سيف الزري الشامسي قائد عام شرطة الشارقة، وسعادة عبدالله محمد العويس رئيس دائرة الثقافة، وسعادة أحمد بن ركاض العامري رئيس هيئة الشارقة للكتاب، وسعادة محمد عبيد الزعابي رئيس دائرة التشريفات والضيافة، وعدد من المسؤولين وممثلي الهيئات الثقافية. كما دشن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي كتابه “اسطورة القرصنة العربية في الخليج” باللغة الماليالامية مساء أمس الأربعاء في جناح منشورات القاسمي المشارك في معرض الشارقة الدولي للكتاب. ويعتبر الكتاب أطروحة علمية نال بها سموه درجة الدكتوراه من جامعة اكستر بالمملكة المتحدة، تناول فيه فترة تاريخية مهمة من تاريخ منطقة الخليج العربي وصحح العديد من المعلومات الخاطئة من خلال الشواهد الصادقة وذلك بالرجوع إلى أرشيف عدد من المكتبات التاريخية العريقة في الهند وبريطانيا، وكشف صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي زيف الأسطورة التاريخية المغلوطة عن القرصنة العربية في الخليج.

*كاتبة وإعلامية تونسية

تم عمل هذا الموقع بواسطة